يحبهم ويحبونه

يحبهم و يحبونه

وقف... ثم رفع يديه... و بقلب يفيض بالاحساس ... و بصوت يملئه الرجاء... قال:" اللهم انى أسألك حبك,وحب من يحبك,وحب كل عمل يقربنى الى حبك "... هذا دعاء أصدق من أحب , و أخلص من دعا و تعبد... انه رسول الله- صلى الله عليه و سلم - غمره الشوق... و غلبه الحنين... حتى فى الدعاء فلم يدع بدنيا أو بحاجة... ولكن عبرت الكلمات عما يمتلىء به القلب... و كأنه يعلنها للدنيا كلها انى أحب ربى... وكيف لا و قد أحب الله من هم من غير البشر ألم تقرأ قول الله" و ان من شىء الا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم "... فقد نطق كل شىء بحب الله... كل بلغته... ولكن جمعهم حب الله فانظر الى الجبل كم يحب الله فلم يحتمل أن يتجلى له ربه" فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا و خر موسى صعقا "... و انظر الى الكون حينما تشرق عليه الشمس ويمتلىء بنور الله فتجد الطيور تغرد... و الأزهار تتفتح... و الظلام ينكشف...وكأنها تشكر الله و تسبح بحمده و حبه على نعمة الضياء.

صدقت يا حبيبى يا رسول الله و أنت القائل" أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة "... ألا تحب من كل نعمة منه و كل فضل اليه... ألا تحب من خلقك فسواك فعدلك... ألا تحب من نجاك من النار و جعلك من المسلمين دون أدنى فضل منك... ألا تحب من غمرك بنعمه... خلق كل شىء فى الحياة لأجلك... أرشدك الى طريق آثار قدرته و ملا مح عظمته لتستدل بها عليه تأمل هذا الحديث القدسى:" ينزل الله-جل جلاله-الى السماء الدنيا كل ليلة تنزيلا يليق بجلاله,فينادى الجموع الغافلة و الأجفان النائمة بلطيف قوله وحلو ندائه:" هل من داع فاجيب له دعائه؟ هل من سائل فاعطيه سؤاله؟ هل من مستغفر فاغفر له؟ "... ان الله وهو الغنى سبحانه يتودد... وينادى... و يجيب عباده... أما آن لعباده أن يتوددوا له و يتقربوا اليه و يحبوه و هم الفقراء المحتاجون اليه ؟

اذا نظرنا لأنفسنا فسنجد تقصيرا و ذنبا نغفل عنه , و مع ذلك لم يؤاخذنا الله بذنوبنا و بما كسبت أيدينا و فتح باب المغفرة و قال:" و ان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم "... علم الصحابى الجليل يحيى بن معاذ هذا العفو الواسع و هذا الكرم اللامحدود فأحيا ذلك قلبه بحب الله و قال:"عفوه يستغرق الذنوب فكيف رضوانه ؟! و رضوانه يستغرق الآمال فكيف حبه ؟! وحبه يدهش العقول فكيف وده ؟! و وده ينسى ما دونه فكيف لطفه ؟! "

استمع معى الى هذه الكلمات... خرجت من قلب ذاب عشقا فى جناب الله , ونطق لسانه بما أحسه قلبه

أنا ذا يا رب قد خلصت من الهوى واستقبل القلب الخلى هواك و تركت أنسى فى الحياة و لهوها و لقيت كل الأنس فى نجواك و نسيت حبى و اعتزلت أحبتى ونسيت نفسى خوف أن أنساك

ذقت الهوى مرا و لم أذق الهوى يا رب حلوا قبل أن أهواك

افتح قلبك للسعادة الحقيقية , فلا سعاد ة الا بحب الله و فى جوار الله , فهو القائل

" يحبهم و يحبونه "